السبت، 23 فبراير 2013




الاقتصاد التونسي يدفع ضريبة التداين والاقتراض المجحفين
البنك المركزي "سجين" لدى صندوق النقد الدولي

*خبراء يدقّون ناقوس الخطر ويحذّرون من شبح الافلاس قريبا

تونس /الكفاح بالقلم

هل يمكن سداد دين بدين 
  بلغت نسبة التضخّم المالي خلال شهر جانفي المنقضي نحو 6 بالمائة وفق احصائيات المعهد الوطني للاحصاء ، في ما اعلنت النائبة في البرلمان الاوروبي ايفا جولي انّ الديون التونسية ناهزت 40 مليار دينار ما يعني انّها نسبة الديون الخارجية تجاوزت مرّة ونصف حجم الميزانية العامة للبلاد للسنة الحالية والمقدّرة بـ 26 مليار دينار تونسي. وقيّم خبراء اوروبيون هذه الوضعية على انّها "مؤشّر خطير" يؤكد أن تونس في حالة إفلاس وانّها لن تقدر على مواجهة مصاريف الانفاق العمومي ودفع جرايات التقاعد والمواصلة في تحمّل اعباء الخدمات الاجتماعية والقطاعات غير المجدية ولا تمويل صناديق دعم المحروقات والموادّ الاساسية ما لم تتوفّر لها مداخيل جديدة ما يعني بالضرورة - وفق الخبراء – ارتهانها كلّيا الى الصناديق والدوائر المالية العالمية وفي مقدّمتها صندوق النقد الدولي.



 واضطرّت الحكومة التونسية المتخلّية ، موفّى العام المنقضي الى طرق ابواب صندوق النقد الدولي من جديد لطلب خطّ ائتماني تناهز قيمته 2.5 مليار دولار لضمان تغطية حاجيات تونس للعام القادم على اعتبار انّ ميزانية العام الحالي تمّ ضبطها بدعم من البنك الدولي الذي اعلن موافقته منح تونس قرضا بقيمة 500 مليون دينار لاسناد ميزانية 2013 بفترة امهال تناهز الخمس سنوات وبشروط وصفها وزير الاستثمار والتعاون الدولي بالمشجّعة .

بداية الانهيار ؟؟
 وبدأت الاثار السلبية للاقتراض المجحف تؤثّر في السياسة النقدية التي يسهر على ضبطها البنك المركزي التونسي حيث تمّ خلال اوّل اشهر العام الجديد تسجيل نسبة تضخّم تناهز ال6 بالمائة وفق ارقام المعهد الوطني للاحصاء في حين كشفت مصادر متطابقة عن شروع صندوق النقد الدولي مؤخّرا في التدقيق لحظة بلحظة في تطوّرات المشهد الاقتصادي التونسي وفرض حزمة جديدة من المقاييس المجحفة التيّ تسمّى رسميّا "اصلاحات" للحيلولة دون انزلاق البلاد الى مستنقع الافلاس ما يعني تكرار السيناريو اليوناني في تونس.

كرستيم لاقارد المدير العام ل (اف ام اي) خلال زيارتها لتونس


 وقال الخبير المالي الدكتور معزّ الجودي انّ بلادنا تفتقر الى رافعات النموّ الثلاث 
والمتمثّلة في الاستهلاك والتجارة الدولية (الصادرات) والاستثمار ما يعني ، حسب قوله ،انّ ايّ حديث عن امكانية خروج اقتصادنا من الازمة وبداية تعافيه هو ضرب من  المغالطة للراي العام ما لم تتوفّر الرافعات الثلاث السابق ذكرها. وحذّر الجودي وعدد آخر من الخبراء في الاختصاص من تداعيات الاقتراض وتنامي الدّين الخارجي على اعتبار انّ التمادي في هذا النهج لن ينتج عنه سوى الانزلاق نحو اعلان الافلاس.

 وما فتئ المحللون الاقتصاديون التونسيون يحذّرون من مخلّفات الاقتراض الخارجي الذي يكون عادة مسبوقا بحزمة من الشروط المجحفة التي تصل الى حدّ فرض سياسة تقشّفية على البلاد التونسية لضمان سداد القروض في الاجال المضبوطة ما سيعود بالمضرّة على المقدرة الشرائية للمواطن التونسي على اعتبار انّ تبنّي مقاييس تقشفية يفرض الضغط على صناديق الدعم الوطنية والنزول بها الى ادنى مستوياتها مقابل اتّخاذ مقاييس جبائية مشطّة قد تكون بدورها سببا في افلاس المؤسسات الاقتصادية الوطنية.

البنك المركزي لا حول له ولا قوّة
هل هو استعمار من نوع آخر
 ويذهب الدكتورمحمد علي السايبي في تحليله الى ابعد من ذلك حيث يعتبر انّ توجّه السلطات التونسية نحو الاقتراض الخارجي بدل الانتاج والتصدير من شانه التاثير سلبا في السياسات النقدية التي يسطّر ملامحها البنك المركزي على ضوء حجم السيولة المتداولة في السوق التونسية ما سيفتح المجال ، حسب قوله ، لفقدان تونس للسيادة على سياساتها الاقتصادية (تسطّرها الحكومة)  وكذلك النقدية (يسطّرها بشكل مستقلّ البنك المركزي) والرضوخ الى الاملاءات الخارجية وتنفيذها دون القدرة على مناقشتها. 
 واشارت بعض المصادر الاخبارية المتطابقة ظهر امس الى انّ صندوق النقد الدولي اوفد خبيرا الى البنك المركزي لمراقبة سير "الاصلاحات" المتّفق عليها. واعتبرت المصادر انّ هذه الخطوة تعدُّ "مؤشّرا خطيرا" على سقوط القرار الاقتصادي بين يدي القوى الاجنبية ممثّلة في اكبر هيكل مالي دولي ذي توجّه ليبرالي توسّعي.

 وزادت الاهتزازات السياسية وتداعيات اغتيال الزعيم اليساري شكري بلعيد في تأزيم الوضعية الاقتصادية التونسية فيما نزلت مداولات السوق المالية التونسية الى مستويات متدنّية بثّت الفزع في نفوس رجال الاعمال ما دفع برئيسة اتّحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية للتصريح بانّها اصبحت تجد نفسها عاجزة عن توجيه رسالة طمأنة للمستثمرين الاجانب بسبب الاوضاع التي تمرّ بها البلاد.
 وليد الماجري






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق