الجمعة، 7 نوفمبر 2014

التقى الشّيخان .. فهل يُحذف ما سبق؟




"النهضة والنداء خطّان متوازيان لا يلتقيان الّا باذن اللّه وان التقيا فلا حول ولا قوّة الّا باللّه" .. بهذه الكلمات السّاخرة والتي لا تخلُو من جدّية مدروسة ومُبطّنة أجاب الباجي قائد السّبسي، رئيسُ حركة نداء تونس، مُحاوريه من الصّحفيين عن سؤالهم المتعلّق بطبيعة التحالفات التي قد تضطرّ الحركة الى عقدها مع خصمها السياسي المباشر حركة النّهضة في حال فوز النداء بالمرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية.



 اجابة قائد السّبسي لم تكن تحمل بين طيّاتها نفيا مطلقا لامكانية التحالف مع النهضة ولا تأكيدا مطلقا وصريحا، بل كانت تختزن كلتا الفرضيّتين في آن واحد، اذ كان من الممكن الحسم في الأمر بشكل واضح منذ البداية واسقاط احدى الفرضيّتين وترجيح الأخرى، ولكنّ ذلك –في حال حصوله- كان سيضيّق دائرة خيارات النّداء بعد الانتخابات ويضعه لزاما أمام حتميّة الالتزام بالخيار الذي تمّت المجاهرة به أمام قاعدة النّاخبين العريضة التّي لم يحرّكها البرنامج الاقتصادي والاجتماعي للنداء بقدر ما حرّكها "حلم" اسقاط الترويكا، ومن ورائها النهضة، من غربال الحكم من خلال الاتّكال على نداء الاستغاثة الذّي أطلقه حزب النّداء والمتمثّل في "التّصويت المُجدي" vote utile على اعتبار أنّ تشتيت الأصوات بين مختلف خصوم النهضة من المنتمين الى العائلة الدّيمقراطية بشتّى تفرّعاتها لن يصبّ سوى في خانة ما يسمّى بالخصم المشترك في اشارة الى حركة النّهضة.



اليوم، وبعد أن نال نداء تونس مُراده من المقاعد محتلّا بذلك المرتبة الأولى التّي تخوّل له تشكيل الحكومة المرتقبة، أصبحت رقاب التونسيّين –يمينا ويسارا- تتطلّع الى ما بعد الصّندوق من تحالفات محتملة سيكون لها عميق التأثير في نحت خارطة الحكم الجديدة على اعتبار أنّ الوضعيّة الكمّية لنوّاب نداء تونس في البرلمان ليست مريحة بالقدر الكافي ولا تُتيح للحزب الأوّل تشكيل حكومته منفردا، ما يجعله أمام حتميّة البحث في تحالفات قد تقوده الى نسف حلم خصمه السياسي النهضة في التربّع من جديد على جزء من سدّة الحكم، أو تقوده الى حضن خصمه النهضة وبالتالي نسْف آمال مئات الآلاف من الناخبين الذّين أدلوا بأصواتهم الى النداء استجابة الى الشّعار الرّاديكالي الهادف الى اسقاط النهضة من الحكم عبر الصناديق من خلال تقنية "التصويت المُجدي".